الصفحة الأساسية > العربية > ف > فيلانتروبيا

فيلانتروبيا

في أصول الفيلانتروبيا الحديثة

كل اصدارات هذا المقال: [عربي] [français]


إذا كانت تعليم الفيلانتروبيا تعتبر جزءا من تقاليد الأنسنة، فلأنها تتصف بالطيبة، الرقة، الحنو، شفافية القرين مع أقرانه كما يعرفها انطوان فورتيير Antoine Furetière (1960). لفظ philanthropie فيلانتروبيا كما عرفه ألان ري Alain Rey في قاموس Historique de la Langue Française (1992)، مركب من قسمين philo صديق و anthropos إنسان. أما في قاموس إميل ليتري Le Dictionnaire de la Langue Française (1982)، philanthropie تعني "محبة الإنسان" للفظ صيغة مبنية للمجهول وهي "إستعداد الإنسان لأن يكون رقيقا وصبورا مع الإنسان الآخر". وفي معجم لاروس Le Grand Larousse encyclopédique (1963)، الفيلانتروبيا : "شعور يدفع الناس لمساعدة الآخرين" في حين أظيف لنفس القاموس ينة (1984) إلى المعنى السابق فكرة : "نكران الذات من أجل القيام بعمل لا يكون إلا بمقابل". أما في قاموس le Trésor de la Langue Française (1986) الفيلانتروبيا نعت نستعمله للدلالة على : "ممارسة أفعال خَيِّرَة"، "خصلة لرفعة القلب والكرم"، "أن يقوم بأعمال دون أي حسابات". وهو اسم دال على صفة قديمة "حب يحمله شخص لأقرانه من الناس".

 ميلاد روح الفيلانتروبيا

اللفظ من أصل ومحتوى مسيحي. أدخله إلى الاستعمال المسيحي الأسقف واللاهوتي ومؤدب الأمراء والمفكر السياسي فرانسو دي سالينياك دي لموث فينيلون François de Salignac de la Mothe Fénelon (1651-1715) منذ سنة 1712، تعتبر محبة الإنسان (فيلانتروبيا) فضيلة شخصية فردانية أكثر منها قاعدة إجتماعية. عرف هذا المفهوم-فيما بعد- منافسة من طرف مفاهيم كثيرة ولكنها لم تحظ بنفس النجاح مثل: السخاء، الجود، العناية، المؤانسة، المساعدة، التعاون، ألخ. ومن بين هذه المفاهيم أكثرها منافسة للفيلانتروبيا هما مفهوما الصدقة، فعل الخير. نسجل هنا تقاربا بين فاعل الخير ومحب الإنسان (الفيلانتروب). "الفيلانتروبيا تطلق على الافعال النافعة، كالوقاية من المأساة خير من تخفيفها بعد حدوثها، أن تمكن المحتاج من العمل خير من التصدق عليه، تشجع الناس والانتاج. تهدف إلى الفاعلية وبالتالي هي ذات فضل كبير." (Sabran, 1900).

عرف التعامل مع الفقراء في ظل الانظمة القديمة نوعين من التعامل الاول الرحمة التي خصهم بها رجال الكنيسة والثاني صرامة الدولة في التعامل مع ظروفهم التي لا يتخلصون منها أبدا. لم تتعرض الكنيسة للعقاب بسبب الصدقة المادية التي تهبها للفقراء، وعندما تساعدهم ترفق ذلك بتلقين ديني. كما كان المحتاجون، المشردون، المتسولون، المهمشون فئات غير مرغوب فيها. ويتم غالبا ابعادهم إما بإرسالهم في سفن حربية أو حبسهم في مؤسسات ملكية مثل : المستشفيات، العامة أو الجهوية، أو السجون التابعة للدولة. كانت الكنيسة تسيطر على الأعمال الخيرية، كان الاشراف على تسيير هذه الصدقات المؤسسة الملكية la Grande Aumônerie de France إلى جانب الكنائس والأبرشيات (Foignet, 1943) .

مع بداية عصر الأنوار ستظهر مواقف جديدة تخترق الثورة وتمتد إلى غاية القرن التاسع عشر، ناحتة مفهوما جديدا مركبا. عرفت العشريتين التين سبقتا الثورة الفرنسية "أزمات اجتماعية عامة"، بتزايد العاطلين عن العمل، تفاقم عدد المتشردين بازدياد، تكاثر التسول وأطفال الشوارع. لاحظ المؤرخون أن هذه الفترة تميزت بفساد جزء معتبر من رجال الكنيسة، إمتيازات المالية الضخمة في يد فئة قليلة، الحفاظ على طبقة النبلاء العريقة والتي تحتكر الالقاب المميزة في مناصب إدارية عليا، في الوقت نفسه الذي عرف تشكل طبقة برجوازية جديدة بفضل "موهبتها" تسعى إلى بلوغ طبقة النبلاء. كان رد النظام القائم (الملكي) على هذه الازمات دائما عن طريق شرطة الفقراء، ومن هذا الوضع أطلقت مشاريع للمساعدة والعناية طيلة النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ودارت النقاشات حول أنسنة المستشفى، وإنشاء مراكز للنجدة في حالة الطوارئ، المساعدة عن طريق العمل، الوقاية والحد من التسول (Duprat, 1993) .

اكتسي مفهوم الفيلانتروبيا معنى أشمل أثناء الثورة ليدل على كل من يخدم الإنسانية، سواء كان مبتكرا، عالما، مستكشفا، رجل علم أو رجل كريم. خاصة وأن الفيلانتروب لن يكون مجرد عامل بسيط في نظام الطبقات الإجتماعية، ولكنه فرد يعترف له "بدوره الاجتماعي العالمي". إثارة مفهوم الطبقة في علاقته مع مفهوم الفيلانتروبيا، يضيف إلى المجتمع بعدا كامنا للعلاقات التراتبية، إن لم يكن تصادميا. تقوم الفلانتروبيا على قواعد ومعايير للسلوك إتجاه الطبقات الاجتماعية وكذلك الطبقات الراقية، تريد تقديم العلم وتمنح للزائرين المتواضعين مهمة محققين اجتماعيين، لم تعد مساعدة الفقراء الهدف الأول للفيلانتروبيا. بل حملت على عاتقها مهمة تنشيط حركة اخلاقية أو ثقافية، لتعميم وتبسيط المبستجدات والمبتكرات، والقيام بحملات إجتماعية وإنسانية.

 التفكير الفلانتروبي

لاحظ بعض دارسي أسباب الفقر، أن الأجور زهيدة تختلف باختلاف المهن وأن الفئات ذات الأجر الأكثر إنخفاضا هي فئتي النساء والأطفال. مرة أخرى يساء تعريف الروح الفيلانتروبية، يهيمن هذا التعريف الخاطئ في آن واحد فهم مشكلة مساعدة الفقراء وعلى التحليل الاجتماعي والاقتصادي للفقر. ربط إ. بورييه E. Buret سنة 1840-الذي ورد ذكره في كتابات يانيك مارس Yannick Marec 1981- العلاقة بين الفقر وغنى بعض الناس في حين سنة 1848 أدان لولونج Lelong على حد سواء الأجور الزهيدة وتراجع الأسواق الداخلية.

بالنسبة لـــــ أ. توكفيل Tocqueville(1805-1859) أنه "عند الشعوب الغنية يجبر جزء من الشعب على قبول صدقة الآخرين للعيش". يبحث توكفيل في نتائج "الصدقة القانونية"، أي الصدقة العامة ( التي تقدمها الدولة) والفردية (التي يقدمها الافراد). ويعترض على الصدقة القانونية التي يمثلها بجدارة قانون الفقراء الانجليزي. تسبب هذا القانون في صعوبة ظروف تقديم المساعدات العامة، وضاعف عدد المتشردين والمحتاجين في بريطانيا، كما ساهم في تراجع الامن وتصاعد مستويات الجريمة. قسم هذا النوع من الصدقة الشعب إلى أمَّتَيْن متنازعتين، الأغنياء من جهة والفقراء من جهة أخرى "وإحالتهما على المواجهة المباشرة". بالنسبة لتوكفيل "الحسنة الفردية"، عكس العامة تخلق روابط جيدة بين الغني والفقير. بحيث فيهتم الأول بفعل الخير في ذاته لأنه يشعر أنه يساهم في تخفيف المآسي، أما الثاني فيشعر بالاعتراف بالجميل، هذه الروابط الاخلاقية تنشأ بين هاتين الطبقتين، رغم المصالح والمشاعر التي تفصل بينهما يطرح توكفيل Tocqueville في مذكرته وبشكل مختصر مسألة المداخيل المادية دون توسيع فيها أو تعمق. يعتبر أحد المفكرين الفلانتروبيين القلائل بالاضافة إلى ج. روسكين J. Ruskin (1819-1900) الذين بحثوا في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للفقر.

حسب هذا المختص في النقد الفني والمصلح البريطاني، فإن قانون العرض والطلب يجعل الأسعار متعلقة مباشرة بالصراع الدائر بين نوعين من الأنا. كما عبّر روسكين Ruskin عن فضاعة النظام الاجتماعي الذي يحكم على مجموعة كبيرة من الشعب بالفقر والبشاعة، وانتقد بشدة النظام الرأسمالي. فبالنسبة له "الحياة هي الغنى الوحيد لكل الناس" : الناس لا يقودهم المال إلى التذوق إنما "الاعجاب والدهشة،الأمل والحب هو ما يفعل ذلك"(Enc. Univ, 1998) .

عرف التفكير الفيلونتروبي إنتشارا عبر عدة تيارات فكرية في ظل الجمهورية الثالثة:

"من جهة يطالب الطوباويون الاشتراكيون بالقضاء على الملكية العائلية (الاقطاع) لتقوم الدولة بتسيير الاملاك حسب مقتضيات الحاجة، من جهة أخرى الاقتصاد السياسي ذوالعلاقة الجيدة بالكنيسة، [...] يعد بإجراء إصلاحات على العمل الخيري القديم، وإعادة نسج العلاقات القائمة على الجمع بين الأغنياء والفقراء [...]. تقوم الصدقة ببعث العلاقات والروابط العاطفية بين الطبقات، مشكلة تراتبية سلمية ولطيفة [...] ومن صلاحية الدين وحده أن يحاكم أو يؤنِّب الأغنياء[...]. وهناك فئة ثالثة هي من أنصار الاقتصاد الاجتماعي يمثلها كل من (ليونارد دي سيسموندي Léonard de Sismondi، جوزيف ماري دي جيراندو Joseph-Marie de Gérando، فرانسوا جيزوت François Guizot، روني لويس فيارمي René-Louis Villermé وآخرون) ، تبنت نفس مفهوم الفيلانتروبيا الذي عرف في القرن السابع عشر والقائم على فكرة أن فاعل الخير ذو نزعة اإنسانية[...]"(Donzelot, 1977).

الانطلاق من فكرة مضادة لمنطق الخيرية هو بالنسبة لهذه الفئة الثالثة من الفيلانتروبيين، طريقة لمنع ظهور صدقة تقوم بها الدولة للقضاء على الثروة. ويتفقون على أن "النظام القديم المبني على التبعية الكنسية والمحسوبية، هو مهد الاشتراكية" (Donzelot, 1977). ويحث الفيلانتروبيون على التوفير كونه محورا في عملية الإعانة الاجتماعية الحديثة. وعليه ما يجب تقديمه هو النصائح لا الأموال والممتلكات. أما بالنسبة لرجال الاعمال المسيحيين فهم يفضلون العلاقة بين الأغنياء والفقراء أي بين أقليتين، يعارض هذا الصنف من الفلانتروبيين فكرة العوام التي تجمع في طياتها كل فئات المواطنين. ينتقد الفلانتروبيون مفهوم العائلة في النظام الاشتراكي، الذي يحاول هذا الاخير تحطيمه وتحويل السلطة العائلية إلى مهمة من إختصاص الدولة. يتعلق الامر هنا بتغيير العمل الخيري القديم والبحث عن أنواع حديثة للمساعدة، عن طريق عملية تسمح بالتمييز بين "إدعاء الفقر" و"الفقر الحقيقي". يُعْزَى إلى البارون ماري جوزيف دي جيراندو Marie Joseph de Gérando فكرة: توزيع المساعدات يجب أن تكون بعد القيام ببحث دقيق في الحاجات ودراسة وتحديد حيل إدعاء الفقر. تسعى الفيلانتروبيا إلى التميز عن الاعمال الخيرية عن طريق التجربة والنفعية. لوحظ تراجع الفيلانتروبيا ابتداء من 1840 نتيجة الصراع الطبقي. وواجهت شبهة تقديم المساعدة للعمال والمهنيين. فأصبحت عرضة لانتقادات الأصوليين والاشتراكيين. التحول من الــ "صدقة بمعناها القديم" إلى الــ "عمل الخيري الفيلانتروبي" أدى إلى ظهور "المساعدة الإجتماعية" (Verdès-Leroux, 1978)، اقترحت حركة معارضة بنزع الطبقة العاملة من ايدي الاشتراكية، بالتوضيح لها عدم جدوى القيام بثورةمن أجل تحسين الأوضاع. كانت المساعدات الاجتماعية مدعمة ماديا من طرف جناح من الطبقة الراقية، تشكل من قبل محافظين فقدوا السلطة السياسية باستقالة ماك ماهون Mac Mahon سنة 1879. عمله هذا هو مبادرة برجوازي كبير وأرستوقراطي معارض للجمهورية أو منخرط، أو ربما مستسلم.

 نشاط الفيلانتروبيا

ظهرت أولى المجتمعات الفيلونتروبية مع بداية الارستوقراطية الباريسية وسيطرة الفيلانتروبيون على القسم الثالث من الدولة (فئة ليست برجوازية وليست من الكادحين) عن طريق حشد النوادي مثل: Feuillants, des Cordeliers, des Jacobins, des Amis de la Vérité. أدى إلغاء المنح المالية من طرف الدولة بالجمعيات الباريسية مثل : la Charité Maternelle ou la Société Philanthropique إلى توقيف أعمالها إلى غاية نهاية الثورة الفرنسية. مع بداية الاصلاحات والبناء أعيد ترميم الجمعيات الخيرية الكنيسة والملكية، التي تحطمت أثناء الثورة. ولكن سرعان ما سيؤدي ذلك إلى مواجهات بين الجمعيات الخيرية والفيلانتروبيون (Duprat, 1992). ووصل عدد الجمعيات الفيلانتروبية في فرنسا إلى 30 جمعية في سنة 1827. فقامت هذه الجمعيات بداية بمحاولة المصالحة والحوار المسكوني بين مختلف التيارات الدينية المسيحية واليهودية، لكن سرعان ما طغى الصراع بين الكنائس والأحزاب على الأعمال الخيرية من سنة 1820 إلى 1830. كما كان يطمح الكثير من الفلانتروبيين إلى تحصيل العلوم. رغبة ستلقى استجابة لها ابتداء من سنة 1857 مع انشاء المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية La Société d’économie sociale من طرف ف. لوبلاي F. Le Play (1806-1882)، الأمر الذي فتح الطريق أمام الشراكة الصناعية. وتعلق الأمر بتعويض السلطة السادة بــ" الارتقاء بأخلاق رؤساء ورشات العمل" (Castel, 1995). ترتبط هذه مؤسسة بنفس طريقة Charity Organisation Society التي أسسها س. لوتش C. Loch (1849-1913) سنة 1869 في المانش (بريطانيا) (Mowat, 1961)، ذات قاعدة إدارية قوية، قدمت هذه الجمعية في ظروف اقتصادية تتميز بالتفاؤل تنظيم الفقر ليس محاربته. أو بعبارة أخرى، لا يتعلق الأمر بعقاب الفقراء وتهذيب سلوكهم، بقدر ما يتعلق بتمكينهم من تلبية حاجاتهم والعيش بكرامة رغم مواردهم المالية المحدودة. ترتكز الاعمال الخيرية التي كانت تقدمها Charity Organisation Society على تقديم المساعدات للمحتاجين فعليا لها، ويعتقد س. لوتش من جهته أن:" العمل الخيري علم، يستند على مبادئ الملاحظة الاجتماعية [...]. ويمكن التعرف إلى الفقير المحتاج من غيره عن طريق معرفة الأحداث والتنظيم المنهجي للعمل الخيري، وتقدم المساعدات لكل حالة على حدى مع تقديم مبررات لذلك (Mowat, 1961) تبنى المركيز دي بيرجارد سنة 1896 هذا البناء الفلسفي للفلانتروبيا وذكره كمثال للعمل الخيري. أما لويس بوليان Louis Paulian السكرتير عام لغرفة النواب وأمين عام مساعد للمجلس الأعلى للسجون الفرنسي، سنة 1900، تأسف لأن فرنسا لا تعتبر العمل الخيري علما حقيقيا. سنة بعد ذلك دعى-من جهته- لويس ريفيير Louis Rivière عضو الجمعية العالمية للدراسات حول مسائل الاعانة، إلى أنه يجب السير على حذو الفلانتروبيين البريطانيين "في تقوية شخصية المحتاجين وتنمية إحساسهم بالإستقلالية. إذا كانت الطريقة المتبعة من طرف Charity Organisation Society، لتحسين ظروف الفقراء، تتعارض مع أفكار التي قدمتها مؤسسة Fabian Society ، نادي التفكير الاشتراكي في انجلترا club de pensée socialiste ، وكذا الاشتراكي الديموقراطي، فإنها ألهمت ليون لفيبور Léon Lefébure (1838-1911) ليؤسس الديوان المركزي للأعمال الخيرية l’Office Central des Œuvres de Bienfaisance سنة 1890. وأصبح هذا الديوان جمعية بحثية مثل الجمعيات الأنجلوسكسونية، تهدف إلى التنسيق بين الأعمال الكثيرة المتوفرة وتجب "صناعات العوز الكاذبة"، أي الفقراء الذين يطلبون الحاجة في كل مكان. ينحصر عمل الديوان إذن على القيام بمسح ميداني للاعمال الخيرية، والربط بينها في شبكة واحدة، وتجميع المعلومات حول الفقراء، وتشجيع خلق وسائل المساعدة من خلال العمل، وتسهيل إعادة الأفراد إلى مواطنهم الأصلية ممن لديهم القدرة على العيش خارج العاصمة كما تساهم في تبادل المعلومات والخدمات مع الأعمال الخيرية المنجزة في الخارج. قدمت الفيلانتروبيا محاولة جيدة لتربية الافراد يفتقرون الى الثقافة وإعادة إدماجهم في المجتمع عن طريق تكوين جمعيات مثل: Charity Organisation Society و l’Office Central des Œuvres de Bienfaisance. أنتجت تصورا عاما أن جزءا كبيرا من الشعب يعيش مرحلة عجز شبيهة بمرحلة الطفولة ويحتاج إلى الرعاية والمساعدة الاجتماعية. وهكذا تم نقل الأدوار العائلية إلى المجتمع وكياناته المكونه له. وبالتالي يصبح تسيير مجتمع فيلانتروبيبشيه بتسيير عائلة. لأنه في النهاية، تسوية مشاكل التضامن التعاون تتم داخل العائلة. وعادة ما يتم تنفيذ تلك المهام من طرف النساء خاصة الأم أو الإبنة البكر. وبما أنهم من عائلات بورجوازية غنية، فهن يتحكمن في لجان الرعاية ويجتذبن المساعدات عن طريق الهبات التي يقمن بجمعها، بفضل استعمال اسماء عوائلهن، وهذا في سبيل البحث عن بديل للحياة العائلية. أما على الصعيد الشخصي فأعمالهن الخيرية تمثل لهن سبيلا من التدخل في الحياة السياسة أكثر من العمل في حد ذاته. وجدت الرعاية الاجتماعية قبل سنة 1914، في شكل إقامات أو "معسكرات إجتماعية" المفتوحة في الاحياء الشعبية، تقدم خدمات الحضانة، وتقدم محاضرات واستشارات أخلاقية، أو أعمال منزلية (Gourlet, 1904). تحاول النساء في العالم التواصل مع عائلات العمال. ويقومون بتقديم انشطة تعليمية التربوية لصالح النساء الكادحات وقد أبدين ليونة في هذا الوسط أكثر من الرجال.

يرتكز نشاط النساء الفلانتروبيات، على جهلهن العميق بالطبقات الشعبية. فهن يعتقدن أن الدونية الاجتماعية مستمدة من نظام عادل ولا يجب أن يطرأ على هذا المجتمع إلا تغيرات طفيفة. أما نساء الطبقات المتوسطة والراقية الذين يتوجهون لخدمة الشعب فهن في الغالب كاثولكيات شكلن النواة الأساسية للرعاية الإجتماعية. وهن في نفس الوقت رمز للسعادة العائلية والرقة الأنثوية، هؤلاء الفلانتروبيات هن القادرات على خلق روابط "مرحة وطبيعية" مع الطبقات الدنيا.

كورين م. بليارد

 بيبليوغرافيا

- Castel (R.), Les métamorphoses de la question sociale : une chronique du salariat, Paris, Fayard, 1995.
- Donzelot (J.), La police des familles, Paris, Editions de Minuit, 1977.
- Duprat (C.) :
- « Naissance de la philanthropie : jalons pour une histoire de l’action sociale (1780-1848) », in Des philanthropes aux politiques sociales XVII e-XX e siècle, Paris, Cahiers de l’Association pour la Recherche sur les Philanthropies et les Politiques Sociales, janvier 1992.
- Pour l’amour de l’humanité – Le temps des philanthropes – La philanthropie parisienne des Lumières à la monarchie de Juillet, tome 1, Paris, Éditions du Comité des Travaux Historiques et Scientifiques, 1993.
- Foignet (R.), Manuel élémentaire d’histoire du droit français, Paris, Rousseau et Cie, 1943.
- Gourlet (A.), « Colonies sociales. La résidence laïque dans les quartiers populaires », in L’Action populaire, 3e série, n° 37, 1904.
- Lelong (P.-S.), « Essai pour parvenir à la solution de la plus grave question qui puisse préoccuper les amis de l’ordre de l’humanité : amélioration du sort des travailleurs », in Revue de Rouen, 1848.
- Marec (Y.), « Pauvres et miséreux à Rouen dans la première moitié du XIXe siècle" in Cahiers des Annales de Normandie, Caen, n° 13, 1981.
- Mowat (Ch.), The Charity Organisation Society 1869-1913: its ideas and work in London, Methuen, 1961.
- Sabran (H.), « Du fonctionnement et de l’efficacité des secours à domicile – entente établie ou à établir à cet égard entre l’assistance publique et la bienfaisance privée », in Rapports et mémoire présentés au Congrès international d’assistance publique et de bienfaisance privée, Paris, 30 juillet au 5 août, vol. 1, 1900.
- Verdès-Leroux (J.), Le travail social, Paris, Editions de Minuit, 1978.

Pour citer : Corinne M. Belliard, «Philanthropie», in Houari Touati (éd.), Encyclopédie de l’humanisme méditerranéen, printemps 2014, URL =http://www.encyclopedie-humanisme.com/?%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7.